الجمعة، 11 مايو 2012

"ما زال الكذوب يكذب حتى يصدقه الناس.. ثم ما زال يكذب حتى يصدق نفسه!" ... 1. المناظرة

وبالرغم من أن الجماعة العابرة للحدود - غبر الوطنية - التي ينتمي لها السيد أبو الفتوح قد اعتمدت - على مدى أكثر من ثمانين عاما - تزييف الحقائق التاريخية وغسيل الدماغ وأنها تزين لأعضائها الكذب بالرغم من تحالفها الصريح مع النظام منذ السبعينات - ثم غدرها به واغتيال الرئيس السادات - بينما تدعي الطهارة والفضيلة وتستخدم الآن كلمات مثل "الفزاعة" "والاضطهاد" للتضليل ولاكتساب تعاطف جمهور من صغار السن غير المعاصرين للحقائق التاريخية أغضبهم فساد واستبداد الحكم، ولا تتورع عن كيل الاتهامات جزافا لكل من تولى مسئولية وخدم الوطن.  
وقد أدهشني أن يقتصر وصف السيد عمرو موسى لعلاقات السيد أبو الفتوح مع القوى المختلفة بأنها مبنية عن ازدواجية الكلام ومواءمة المواقف، وأن يتجاوز عن ادعاء السيد أبو الفتوح بخبرات وقدرات لا يملكها - ولا يوجد أي دليل عليها - وأن يلتزم كياسته المعتادة ودبلوماسيته طوال المناظرة إزاء مناظر لم يتورع عن إهانة مجتمع بأكمله لينال من غريم كل ذنبه أن أخلص وتميز في خدمة وطنه، بينما كانت جماعة السيد أبو الفتوح شريكا كاملا للنظام. فهل كان السيد أبو الفتوح ينتظر من كل مصري وطني إذا ما تولى حكم مصر فاسد - أو حتى مارق - أن يترك البلد ويبحث له عن بلد أخر؟!
وبالرغم من أن تركيز هجوم السيد أبو الفتوح على دور السيد عمرو موسى في الحكومة قبل عام 2000 كان مفهوما ومبررا في إطار المناظرة، فقد اقتصر مديرا المناظرة في مقاربتهم لها على ما شاب النظام الساقط من فساد وغضا النظر - وكذلك السيد عمرو موسى - عما شاب مصادر تمويل الجماعة والتنظيمات المنبثقة عنها من غموض وفساد، واستخدامها للمال السياسي وللدين للتأثير على نتائج الانتخابات، وما اتسمت به من انحراف وعنف لعشرات السنين ودور السيد أبو الفتوح الذي امتد من إرهاب زملائه في الجامعة جسديا إلى علاقته بالتنظيم الذي اغتال الرئيس السادات. وقد كان التوازن وموضوعية العرض تقتضي تناول المناظرة لاعتبارات حيوية هي:
·         أن الجماعة - كتنظيم أصولي عابر للحدود، ذو طبيعة عسكرية يقسم أعضاؤه على السرية والولاء والطاعة لغير الوطن لا يدخل مصلحة مصر الوطنية كأولوية في حساباته وإنما تحركه شهوة السلطة وأجندات مخفية - هي من قاد الإسلام في مصر من الوسطية إلى  الوهابية، وأطلقت الإرهاب الديني في مصر منذ أربعينات القرن الماضي، واستخدمت الدين بلا حدود في السعي إلى السيطرة على الناس لخدمة أجندات سياسية غريبة على مصر، وهي التنظيم الأم الذي انبثقت عنه كل التنظيمات السلفية بما فيها تنظيم القاعدة.
·         أن الجماعة - كما يشهد تاريخها على مدى 83 عاما - لم تغير أهدافها ولكن ما تبدل هو استراتيجيتها كجزء من عملية تسويقية تستهدف قطاعات متباينة من المجتمع، فبينما أدخلت الجماعة مؤخرا ألفاظ "الديموقراطية والوطنية" على أدبياتها "الأصولية" للتمويه، تزيد التنظيمات السلفبة المنبثقة عنها من تشددها، وهي - ولها كيانات منظمة في نحو 80 دولة - ما زال يراودها حلم "دولة الإسلام العالمية" وتسعى لتحقيقه، وتستخدم الآن ديموقراطية الثورة - كما أعلن قادتها - "لامتلاك الأرض وفرض الرأي".
·         أن عشرات الآلاف من كبار مسئولي وموظفي الدولة الوطنيين الذين لا يعرفون لهم انتماء آخر - من أمثال السيد عمرو موسى - كان عليهم أن يخدموا مصر بإخلاص واقتدار لا يستطيعه أصحاب الأيديولوجيات المتطرفة والأجندات المخبأة والأفكار التكفيرية والتنظيمات العابرة للحدود الناكرة لحقوق المواطنة ولوحدة النسيج الوطني المصري.
·         أن فقر المصريين وعوزهم هو سر استسلامهم وانقيادهم، فالمحتاج يذكر الله ويدعوه بالفرج، ويرحب بالمحسن ويدعو الله له بحسن الجزاء، ويقبل شاكرا - دون ثمة سؤال - ثمنا لصوته الانتخابي صندوق التموين ليأكل العيال والدواء ليخف المرض. من هنا، فليس من المعقول أن تقود جماعات السيد أبو الفتوح النهضة والرخاء لأن من المنتظر أن يسأل المسلم المستغني المحسن بالأموال الأجنبية؛ "من أين لك بكل هذا الذي تشتري يه ولاءنا وأصواتنا؟!"، ولذلك، فإننا لا نعول على نية السيد أبو الفتوح في قيادة مشروع للنهضة الوطنية لأنه يتعارض مع مشروعه لدولة الإسلام العالمية.
لا شك أن في مصر قامات شاهقة خدمت وطنها - في ظل الفساد ورغما عنه - بينما كانت "الجماعة" وتنظيماتها العسكرية السرية تتآمر - على مدى تاريخها - لاغتيال مصريين عظماء وقتل زوار آمنين لمصر، فسالت دماء بريئة ما زالت على أيديهم تنتظر اعترافهم بالذنب واعلانهم التوبة والعودة لصفوف المواطنين الوطنيين ليعمل جميع المصريين - بكل فصائلهم- معا في هذا المفترق الحرج للغاية لإنقاذ "مصر التاريخية" من خطر داهم لم يسبق لمصر أن تعرضت لمثله أبدا؛ فهل تعود الآن للصفوف أم أن انتظارنا سيطول لثمانية عقود أخرى؟!
دكتور مدحت بكري

الأربعاء، 9 مايو 2012

الدكتورة ليلى تكلا: رئاسة الجمهورية‏..‏ وظيفة

نعم إنها وظيفة‏..‏ قد تكون أعلي وأخطر وأهم وظيفة في الدولة‏، ‏ لكنها تظل وظيفة عامة لا بد أن تخضع للقواعد العلمية في الاختيار بمعني توصيفها‏، ‏ وتصنيفها وتحديد الصفات والكفاءات المطلوبة لأدائها بنجاح ثم اختيار الشخص المناسب في ضوء هذه الحقائق،  ويقتضي التوضيح إشارة عاجلة لأصول المسألة.
بسقوط الإقطاع،  والتوسع،  والفتوحات،  ظهرت الحاجة إلي أعداد كبيرة من الموظفين يؤدون الوظائف المتزايدة للدولة،  وكي يضمن الحكام ولاءهم كان الاختيار يقوم علي ثلاثة اعتبارات شخصية هي: تعيين الأقارب،  أو المعارف والأصدقاء،  أو الأنصار السياسيين. أدي هذا الأسلوب إلي سوء الخدمة وفسادها وأصبح يطلق عليه نظام المفاسد System Spoils. وبظهور الثورة الصناعية والإدارة العلمية وضغط الجماهير وأصحاب الأعمال،  اتجهت الحكومات للاختيار علي أساس الكفاءة والمساواة فيما يعرف باسم نظام الصلاحية System Merit الذي يقوم علي تأكيد العلاقة بين متطلبات الوظيفة ومسئولياتها،  ومؤهلات شاغلها وقدراته،  لضمان نجاح تحقيق الهدف.
ثم ظهرت النظريات واستقرت المبادئ بأن الحكام ليسوا أصحاب السلطة،  تظل دائما للشعب فوضها لمن يختارهم للقيام بوظائفها علي أساس الصلاحية لهذا المنصب. والربط بين المسئولية المنوط بها الرئيس وصلاحية من يشغلها علي القيام بها يقتضي قبل كل شئ تحديد هذه المسئوليات بوضوح ودقة،  والمراجع في هذه المسئوليات واحد لا سواه هو الدستور وما يحدده بالنسبة لشكل نظام الحكم وتوزيع السلطات والاختصاصات. فأين ذلك الدستور؟ الدستور يوزع الاختصاصات ويحدد العلاقات بين الشركاء في الحكم،  ليكون رئاسيا أو برلمانيا أو مختلطا يبين تداول السلطة جمهورية أو ملكية وراثية أو انتخابية كما يحدد مصدر السلطة ديكتاتورية ديمقراطية دينية أم مدنية دستورية،  ليبرالية أم شمولية،  ومن الطبيعي أن تختلف الصفات والمواصفات المطلوبة لشغل منصب الرئيس حسب ما ينص عليه الدستور من نظم وما يحدد له من مسئوليات،  قد يصلح له أحد المرشحين أو بعضهم وقد لا يصلح له أي منهم،  ونحن ليس لدينا دستور يضع الأسس ويحدد النظم ويرسم الطريق.
ومن المهم هنا الإشارة إلي أربع حقائق أساسية:
·          المسيرة السياسية ضبابية وتزداد تخبطا لأننا لم نبدأ البداية الصحيحة،  لقد وضعنا الحصان خلف العربة فلم نتقدم للأمام بل هرولنا إلي الخلف وأصبحنا مثل العبقري الذي أراد أن ينتهي بسرعة من بناء عمارته فقرر أن يبدأ ببناء السطح أولا فانهار البنيان علي رأسه،  وإن كان الاعتراف بالحق فضيلة فإن العدول عن الخطأ والعودة للصواب فريضة.
·          نفرق هنا بين الصفات المطلوب توافرها في الشخص والمواصفات والقدرات والكفاءات والخبرة التي يتطلبها ذلك المنصب. أغلب ما كتب عما نريده في الرئيس يتعلق بصفات أخلاقية مطلوبة لكل منصب خاصة للرئاسة لكن النزاهة والأمانة والصدق والتقوي...إلخ وحدها لا تكفي. علينا تحديد المواصفات المهنية والقدرات والخبرة المطلوبة لمنصب الرئيس.
·          بالإضافة إلي ذلك الواقع العملي هناك واقع دستوري. إن اختيار الرئيس في ظل ذلك الغموض ثم صدور دستور يحدد شكل نظام الدولة قد ينتقص من شرعية وجود شاغل المنصب... ونبدأ من جديد!!
·          ندفع اليوم ثمن العودة لما يسمي نظام المفاسد وتجاهل الأسس العلمية للتنظيم والإدارة في تشكيل اللجنة التأسيسية. أغلب المختارين لم تكن لهم علاقة بالمواصفات المطلوبة لإنجاز المهمة. استبعد الاختيار نخبة تعتز بها مصر من فقهاء القانون والدستور والعلوم الاجتماعية والأمن والاقتصاد،  تجاهل فئات عديدة في المجتمع منها المرأة والشباب وأهالي التجمعات النائية مثل النوبة وغيرها وصغار العمال والفلاحين وذوي الاحتياجات الخاصة،  ولم يمثل الاتجاهات السياسية والدينية والثقافية والاقتصادية التي تزخر بها مصر والتي من حقها كلها أن تضع دستورا للوطن كله.
في ضوء هذه الحقائق أصبح علينا استيعاب خصائص المرحلة الكارثية التي تمر بها مصر والالتزام بالديمقراطية الناضجة وأسس الحكم الرشيد في تحديد المبادئ التي يجب أن يقوم عليها الدستور ومسئوليات الوظيفة الأولي والصفات والمواصفات المطلوبة في شاغلها،  ولتكن هذه هي المسئولية الأولي لكل كاتب ومفكر ومشرع بل كل مواطن ومواطنة بدلا من أمور سطحية تافهة انشغلنا بها،  وأصبحت تحتل المساحة الأكبر في الإعلام والحديث والكتابة،  إن الرئيس القادم إما أن يكون طوق النجاة وإما الصخرة التي تشدنا للقاع..
د. ليلي تكلا

السبت، 5 مايو 2012

السيد يس: مفكري الأمة يؤيدون عمرو موسى، فماذا عن عامة الشعب؟

كتب المفكر الاستراتيجي السيد يس:

"لم أندهش كثيرا لتوفيق عمرو موسي في التركيز علي مفهوم الرؤية الاستراتيجية، وتفصيل ما يراه من أفكار متعددة لتحقيقها علي أرض الواقع. فقد تابعت منذ سنوات مسيرته الحافلة منذ أن كان سفيرا مرموقا وطموحا في الخارجية، إلي أن أصبح وزير خارجية مصر، حيث احتل مكانة متفردة بين من شغلوا هذا المنصب من قبل، مما أضفي عليه جماهيرية شعبية واسعة. غير أن عمرو موسي بالإضافة إلي ذلك كان معنيا منذ وقت مبكر بالتفكير الاستراتيجي. ويشهد علي ذلك حرصه علي الاشتراك في المؤتمر الاستراتيجي العربي الأول الذي انعقد في عمان من15-17 سبتمبر1987 وهو المؤتمر الذي اقترحت فكرته، بعد أن أصدرنا في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام التقرير الاستراتيجي العربي عام1986. وكان هذا التقرير هو الخطوة الأولي لتنفيذ مشروع متكامل يتمثل في السعي المخطط لإنشاء جماعة عربية للأمن القومي تتكون من الباحثين في الاستراتيجية والدبلوماسيين وضباط القوات المسلحة. شارك في وفد المركز الذي سافر إلي عمان السفير- وقتها- عمرو موسي والذي كان هذا الوقت مدير الهيئات الدولية بوزارة الخارجية. وأتذكر حتي الآن أداءه رفيع المستوي في المؤتمر، حين تناول بالتفنيد عددا من الملاحظات النقدية التي وجهت إلي سياسة مصر الخارجية. ومن هنا يحق لنا القول أن البرنامج الرئاسي لعمرو موسي ليس وليد لحظة قراره بترشيح نفسه لمنصب رئيس الجمهورية، ولكنه حصيلة اهتمام قديم بالتفكير الاستراتيجي بالمعني الشامل لكلمة الاستراتيجية، والتي لا تنفصل أبدا عن معني التنمية بمعناها الشامل.

وأريد لكي أدلل علي هذه الحقيقة أن أركز علي عدد من الأفكار المحورية التي صدر بها عمرو موسي برنامجه الطموح لإعادة بناء مصر. في السطور الأولي لمقدمة البرنامج نراه يتحدث عن الجمهورية الثانية التي يتمني قيادتها والتي ينبغي أن تكون ديمقراطية دستورية، تقوم علي مبادئ ثورة 25 يناير وتتأسس بناء علي حركة تغيير ثورية فعالة. وتقوم رؤية عمرو موسي علي أساس ثلاثة بنود رئيسية هي الديمقراطية والتغيير والتنمية. وفي تطبيق دقيق لنظرية الرؤية الاستراتيجية يقرر بكل وضوح إن رؤيتنا يجب أن تعتمد المتبقي من النصف الأول من القرن إطارا زمنيا لتحقيق طفرة حقيقية في حياة مصر والمصريين. ويضيف إن واحدا من العناصر الأساسية في بلورة أهداف تلك الرؤية هو توقع أن يصل عدد سكان مصر إلي مائة مليون نسمة في العقد القادم، وإلي مائة وخمسين مليونا أو يزيد بحلول عام 2050م (طبقا لمؤشرات الزيادة السكانية).وهو أمر يجب الإعداد له منذ الآن في مختلف مناحي الحياة المصرية. ويأتي علي رأس ذلك التعليم والصحة والبحث العلمي، وكذلك تعبئة الثروة الوطنية من الزراعة وإمكانيات توسعها، والصناعة والتكنولوجيا وحركة تعميقها وتنويعها وتوزيعها، والسياحة ومضاعفتها وغير ذلك من مجالات الحياة. ويضيف التزامه القاطع برفع راية المواطنة أساسا للوطنية المصرية والمنع الحاسم للتمييز بين المصريين وأن يشرع ذلك في الدستور، ويركز من بعد علي إثراء القوة اللينة لمصر وإحياء البحث العلمي واستعادة الزخم الفكري والروحي المصري في الآداب والعلوم والفنون. ويعطي أهمية خاصة للحفاظ علي الأمن القومي المصري بكل عناصره السياسية والاقتصادية.

وينهي عمرو موسي مقدمة برنامجه ومهامه، بأنه يعكس طموحات وآمال شعب مصر في مشروع جاد للنهضة، ويطرح برامج وخططا لتحقيقها في إطار من الواقعية التي تحصنها من تقديم الوعود الزائفة أو القفز إلي المجهول، ومن الإفراط في التفاؤل المضلل أو التشاؤم المثبط للهمم. هكذا تحدث عمرو موسي في مقدمة برنامجه المهم، ويبقي لنا قراءة ثانية في مفردات البرنامج، لنعرف هل كان واقعيا في رسم خطوات التغيير المرغوبة، وهل اعتمد علي تشخيص دقيق لمشكلات الحاضر تمهيدا لوضع ملامح المستقبل؟ أسئلة تستحق أن نتابع من بعد إجاباتها المتعددة."

السيد يس

الخميس، 5 أبريل 2012

محمد حسين يونس: إسلامكم لا يصلح لإدارة دولة حديثة

السادة حزب طظ في مصر وحلفاء لهم من السلفيين المسيطرين علي عقول وأفئدة البسطاء من المصريين يمثلون مقدمة جيش التخلف والجهل الذى تستعد جحافله لغزو مصر في أفواج متتالية قادمة من أرض الحجاز والعتبات المقدسة يمهد كل فوج أرض المعركة للفوج الأكثر تخلفا الذى يليه حتي يتم إلحاق أرض الكنانة بمعسكر الوهابية الذى تنظم امريكا تحركه لصالح تأمين البترول وإسرائيل.
المعركة اتضحت معالمها.. المعاصرة في مقابل التخلف.. استمرار المعاناة والحياة في ظروف منحطة في مواجهة العمل والجهد لتغيير الواقع.. المساهمة في الجهد الإنساني لتقدم البشر، في مقاومة مع هؤلاء الذين يتخيلون ان الله قد خلق الكفار لكي يعملوا وينتجوا ونحن لنغزوهم ونحتلهم ونتمتع بإنتاجهم.
المسلمون طول تاريخهم الممتد لأربعة عشر قرنا كانوا عالة علي الدول المتقدمة ولم ينتجوا أبدا بل استهلكوا ما بيد الشعوب المقهورة قديما والطامعين في بترولهم حديثا المسلمون لا يتقنون أي مهنة أو عمل عدا قطع الطرق والإغارة علي الآمنين والسطو المسلح وأخذ الغنائم والسبايا، وعندما تستتب الأمور لهم تصبح التجارة هي المصدر الأساسي للرزق.. ومع ذلك فالتاجر المسلم لم يكن قدوة حسنة ومازال أغلبهم يكذبون (كتقية) ويتآمرون ويخدعون.. التاجر المسلم، لا يمكن أن تثق في بضاعته أو حديثه أو وعده أو قسمه.. انه يعتبر خداعك واجبا مقدسا لأنك كافر - في رأيه - حتي لو كنت زميله في الجماعة.. رجال الأعمال المسلمون لا يتقنون إلا خداع المستهلك والمودع لأمواله عندهم والهرب بها.. ليخدع آخرين بنفس الاسلوب انها اخلاق البدو التي يتوارثونها أبا عن جد ولا سبيل لتغييرها .
في الاحياء الفقيرة من مدينة القاهرة تجد بشرا يتحركون ببطء الرجال مثقلين بالهموم والنساء المقهورة والمغيبة تسعي دون حماس، فالشوارع ضيقة ومغمورة بالمجاري والقمامة علي الجانبين والمنازل ضيقة تعاني من سوء التهوية وزيادة عدد القاطنين والأطفال في الحواري تنطلق دون هدف أو رقيب.. وجوه حزينة تعاني من اكتئاب مزمن ومع ذلك يمكن ملاحظة تزايد أعداد الرجال الذين أطلقوا لحاهم يوما بعد يوم.. وعدد السيدات والفتيات المختبئات تحت كيس أسود يغطيها من قمة رأسها الي قدميها.. أتساءل ما الذى دعي هؤلاء لتغيير نمط حياتهم هل قدم لهم السلفيون مفردات حياة أفضل وغيروا لهم السكن والطعام والمدرسة والمستشفى أم انها الهزيمة الكبرى الثانية التي أطاحت برشد المصري وجعلته تابعا لهؤلاء المدعين.
الاخوان والسلفيون لا يعرفون كيفية ادارة دولة كل ما يعرفونه كيف يخطفون ويهربون الاقتصاد لا معني له لديهم انه من علوم الكفرة أما البديل فهو بيت المال والزكاة والشحاتة من القادرين، لا يعرفون من العلوم إلا علوم الفقه والشريعة أما ما عدا ذلك فهو من ابتكار الكفار لعنة الله عليهم لا يعرفون الصناعة والتعدين وريادة الفضاء والفنون ويرون أن البنوك ربا والطب سحر وتعدى علي ارادة الله وان أفضل الادوية بول البعير ولمسات الشيخ صاحب البركات.. المسلم لا يزرع انما يترك الموالي يزرعون ثم يهبط عليهم ليلا ليسرق ما بيدهم هكذا كانوا وهكذا هم الان وهكذا سيكونون لا يتقنون إلا الارهاب والغزو وقطع الطرق وترويع. الآمنين.
صباح يوم 6 يونيو 1967 الساعة الثامنة صباحا طلب مني العقيد يوسف عياد رئيس مهندسي الفرقة الثالثة مشاة ميكانيكي أن أذهب الي قيادة الجيش - بجبل لبني - لأحضر من هناك خطة نسف الطرق.. الساعة الثامنة والنصف كنت أمام ملجأ رئيس مهندسي الجيش العميد عبد الستار مجاهد الذى أعد له في مركز القيادة الذى يتحمل قصف قنبلة ذرية.. كان سيادته يجلس أمام منضدة عمليات يشاركه فيها مقدم ورائد منهمكان في دراسة خرائط وأوراق أمامهما وكان سيادته يدخن بشراهة وأمامه منفضتي سجائر ممتلئتان بأعقاب من جميع الانواع بالإضافة الي خرطوشتين كليوبترا لم يفتح غلافهما دخل "مقدم" قادم من الخارج وقال دون سؤال "رفح وقعت والعريش وأبو عجيلة وهم يتحركون الآن علي طريق الكيلو 161" نظر العميد تجاهي وسأل "هل يضربون الحسنة الآن" رددت "لا" فاستطرد "سيضربونها" ثم أكمل في أبوة "انتظر قليلا قبل ان تتحرك".
كانت طائرات العدو تقذف قواتنا بكثافة وكانت كتيبتي - كتيبة المهندسين - بمعداتها الضخمة هدفا سهلا تحوم حولها الطائرات وتقصفها كما لو كانت في تدريب أو مناورة.. وكانت المدفعية المضادة للطائرات صامتة وكنت أجلس في خندقي صامتا مرتديا خوذتي وملابس الميدان أرقب النزق الذى يتصرف به الطيارون الاسرائيليون لدرجة أنه كان بإمكاني أن أشاهد وجوههم الحمراء المنتفخة من ضغط "هيلمت" الطيار وهو قادم منخفض في اتجاهي يمطر المكان بطلقات رشاشه ثم يرتفع لأعلى ليعود في دورة جديدة وهو آمن.. فلقد كنا قد هزمنا.
هزيمة 67 كانت هزيمة شخصية لي ولجيلي.. فبالرغم من أنني كنت أرصد تفكك القوات المسلحة وأن قادتها من الهواه الذين لا هم لهم إلا تحصيل القدر الاكبر من المكاسب التي يفرط في إغداقها عليهم سيادة المشير عامر، وأن الوحدات الصغرى فقدت مهارتها وقدراتها علي الصراع بعد أن اغتالتهم مفاهيم سطحية ظلت تنخر في جسد المؤسسة العسكرية نتيجة تصفية العناصر الواعية المدربة لصالح كورس التمجيد الذى لا يمل من اضفاء آيات الألوهية علي المشير والرئيس.. ورغم أنني كنت علي علم بأن الترقية والامتيازات مرهونة بمدى القرب من السلطة وترديد عبارات جوفاء تشبه أحلام اليقظة أو تمنيات عجزة عن الفعل، وأن التدريب، حسن اختيار الاسلحة المناسبة، تطبيق مبادئ الحرب الحديثة من حشد، مناورة، مفاجأة، تنسيق بين الاسلحة المشتركة هي آخر الأمور التي تهم القيادة الفارة من المعركة أو تشغل بالها إلا أنني كأبن من أبناء يوليو 52 كان لدى أمل ما بقدرة عبد الناصر علي تحقيق سياسيا ما عجز عامر عن تحقيقه عسكريا.. ولكن ما حدث في الواقع من تداعيات الهزيمة أسقط القناع عن الوجه المخزي لحكم العسكر ووجد جيلي نفسه في مواجهة مع عبء إصلاح ما فسد دون رعاية وحماية من الاب القائد.. لقد سحقت الهزيمة جيل كان يسعي لان يجد لنفسه مكانا في عالم جديد يبنيه علي اساسات العدل والتخلص من أوزار عهد كنا نسميه بائدا واستيقظنا من غفوة طويلة لنجد انه قد تم التضحية بنا علي مذبح عدم كفاءة العسكر في الحكم والحرب.. كابوس صبغ حياتنا لعشرات السنين لم تتطهر فيها الروح من مخازي السقوط ولم يتخلص العقل من أوحال تهويمات العسكر عن التفوق الإثني لأمة العرب المرتبط بقيود الفاشيست وإرهاب الحكومات الامنية المسلحة بالسجون، المعتقلات، والمخبرين المندسين في كل مكان وأجهزة الاعلام العميلة .
بعد هزيمة 67 كان من المنطقي إلا نعود لما كنا عليه من غفلة الحياة في ظل أمان حكم الاب الراعي.. ولكن واقع الحال كان مختلفا لقد قام الرئيس المؤمن رب العائلة بتدجين إرهاصات التغيير والثورة وسلمنا بعجزه الي استعمار ثلاثي الابعاد تقوده امريكا التي بيدها أوراق اللعب واسرائيل التي تقف متنمرة للانقضاض علي سيناء وإعادة احتلالها والوهابية السعودية التي شلت عقل وروح الجماهير الرافضة لمهانة الاستسلام.
أواخر مارس 2012 يستطيع المار في شوارع القاهرة أن يرصد ملامح الهزيمة الكبرى الثانية في تاريخ مصر المعاصر.. السيارات تتصارع بدون رابط أو ضابط يقودها ملتحين تصوروا لقصر نظرهم أن هيئتهم الجديدة تتيح لهم أن يكسروا جميع القواعد والقوانين، وطوابير تموين الوقود تعطل المرور أمام محطات البنزين والسولار، وتعريفة ركوب التاكسي والميكروباص تتزايد عشوائيا من اصحاب اللحي وشرائط آيات الذكر الحكيم وأنبوبة البوتاجاز يزيد سعرها لعشرة أضعاف ويحتكر توزيعها في الاحياء الشعبية أفراد من حزب الحرية والعدالة الاسلامي التوجه يبتزون بها تأييد المواطنين لهم.. ولوحات ضخمة في الميادين والاماكن الهامة لجندي بملابس القتال يحمل طفلا بحنان تعبيرا عن علاقة الكفالة، الرعاية، الحضانة التي يقوم بها الجيش البالغ الرشيد للشعب الذى لم يبلغ بعد سن الفطام العبارة المكتوبة علي اللوحة هي "الجيش والشعب ايد واحدة" لاحظ ان الجيش ذكر قبل الشعب في اشارة الي انه الكبير الذى نصب من نفسه وصيا علي الشعب القاصر.. يزاحم لوحات الجندي الشاب العفي ملصقات لشخص ملتح مسن يبتسم ابتسامة لا معني لها تذكرك بما تشاهده علي وجوه الحواة والدجالين الذين يسوقون بضائع مغشوشة أو يستدرجون المارة لبيت دعارة أو المشاركة في لعبة الثلاث ورقات.. جندي يبالغ في اللطف وملتح يبالغ في الابتسام وكلاهما يسوق هزيمة مصر التي اكتملت بانتخابات مجلسي شعب وشورى الملتحين ولجان تدوين الدستور المسيطر عليها بواسطة الإسلامية.. علي الجانب الاخر تحول ميدان التحرير - وأي مكان اخر في القاهرة - الي سوق للباعة الجائلين الملتحين والبلطجية وتجار الكيف تقوم به يوميا معارك بالرصاص والاسلحة البيضاء.. ويسحب ألف واربعمائة مواطن استمارات الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية وتتحول قاعات محاضرات كليات التربية - التي ستخرج مدرسات - الى وكر دائم للبوم الاسود المكلل من رأسه الي قدميه بالسواد.. ويتحدثون علي الفيس بوك عن كرامات تدعيها جماعات الأمر بالمعروف المصرية قام بها أحد أصحاب اللحي المرشح لرئاسة الجمهورية وبأنه جذب أذن سيدة مشلولة فقامت تجرى ووضع كفه علي قضيب شخص عنين فانتصب بين تهليل الجماهير وإكبارهم لما قام به مرشحهم من أعمال جليلة يعجز عن اتيانها باقي المرشحين.. في هزيمة كاملة للمعاصرة والتفكير العلمي المنطقي.
ما بين الهزيمتين نصف قرن يقل خمس سنوات تعرضت فيه مصر لفقد ارادة متصل ودائم بدأ باحتلال اسرائيلي لسيناء وانتهي بغزوة وهابية سعودية لفكر وروح الشعب أبطلت قدرته علي التغيير والانطلاق نحو آفاق المعاصرة وأجهضت فرصة نادرة كانت من الممكن لو أحسن استغلالها أن تجعله يعود الي سابق ازدهاره كدرة من ماسات البحر الابيض المتوسط.. نصف قرن لم تتوقف خلاله عناصر الدعوة السلفية من إنفاق مليارات الدولارات لشراء أجهزة إعلام وتؤجر حناجر ومشايخ تهتف باسمها ووعاظ مساجد يسبحون بحمدها ويحولون مساجدهم الي أوكار بث ودعاية ومدارس لتجنيد المتعاطفين .
و كما ارتفعت نبرة المقاومة ورفض هزيمة 67 بدأت الاصوات تعلو مطالبة بتعديل الموقف والكفاح ضد فرض ارادة الاحزاب الاسلامية علي الدستور ومطالبة القوات المسلحة بردع من قفزوا علي الثورة مستثمرين دماء الشهداء في جني مصالح وأرباح شخصية وتحقيق أحلام ازاحة رجال أعمال الحزب الوطني واحلالهم برجال أعمال الوطني بلحية الجديد.
العسكر ورجال المرشد وجهان لعملة واحدة.. واذا كانا يتبادلان الاتهامات الان.. فان هذا لن يزيد عن زوبعة في فنجان سريعا ما تصفو ولن نشهد تغييرا حقيقيا ينتهي بفرض حكم العسكر والعودة الي آليات النظام المستهدف ازاحته.. كما لن نشهد انتصارا نهائيا للتخلف يجعلنا نقف بجوار أخوة الاسلام في الصومال وغزة والسودان وافغانستان تزكم رائحة خطايانا الانوف.. الارجح أن يتنازل رجال المرشد عن جزء من الفريسة لصالح رجال المشير ويعودان أخوة احبة يدعم كل منهما اخاه.. أما نحن.. فعلينا اعداد انفسنا لكفاح طويل من اجل ان تحمل مصر ملامح القرن الحادي والعشرين .
القضية الوطنية ومقاومة الغزاة هما المحك الذى يظهر عليه مدى انتماء المواطن لتراب بلاده وشعبها انها فرض عين علي كل عاقل أن يفهم ويحلل ويربط الاحداث ويستكشف المسكوت عنه ويفضح كل ما يضر ببلده.. علي كل من يملك المنطق وأسلوب التفكير المعاصر ان ينضم لقواعد الكفاح ضد غزاة السلفية والاخوان وأعوانهم في أجهزة الدولة المختلفة جيش وشرطة وقضاء وإعلام انها ضرورة لكل من لديه ضمير أن يحرص علي حاضره ومستقبل أولاده وأحفاده من أسراب جراد الجزيرة العربية، أن فسطاط الأعداء أصبح واضحا كل من يسعي لكسر انطلاقة بلدنا نحو المعاصرة.. وفسطاط الأخيار أيضا واضح كل من كانت قبلته علوم الانسان المتحضر وسلوك الانسان العصري.. وهكذا اذا ما كان معظم من سيشترك في كتابة الدستور غير مؤهلا لتمثيلنا إلا يحق لنا ان نهتف حتي يصل صوتنا للصم والبكم "يسقط، يسقط حكم المرشد".


الاثنين، 2 أبريل 2012

محمد حسين يونس: النداء الأخير قبل الإظلام الوهابي

عندما قرأت هذا النداء الأخير للأستاذ محمد حسين يونس قبل الإظلام الوهابي الوشيك تذكرت قوله تعالى "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ(11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ(12)" صدق الله العظيم
سبحان الله.. أخيرا جاء زمن أهل هذه الآية الكريمة، وهم من قال عنهم سلمان الفارسي: "لم يجئ أهل هذه الآية بعد"، وها هم يأتون اليوم كطلاب سلطة محتكرين للعلم ممارسين للعمل السري وللعنف، وهم يشدون المسلمين شدا إلى الخلف، ويفسدون في الأرض ويحسبون أنهم مصلحون فيها!
ما لا يدركه المصريون هو أن فقرهم وعوزهم هو سر استسلامهم وانقيادهم، فالمحتاج يذكر الله ويدعوه بالفرج، ويرحب بالمحسن ويدعو الله له بحسن الجزاء، ويقبل شاكرا ثمنا لصوته الانتخابي صندوق التموين لياكل العيال والدواء ليخف المرض. من هنا، فليس من المعقول أو المنتظر أن يقود هؤلاء "الإسلامجية" النهضة والرخاء لأن المسلم المستغني سيسأل ذلك العميل الوهابي المحسن بأموال البترول الوهابية؛ "من أين لك بكل هذا الذي تشتري يه ولاءنا وأصواتنا؟!"
ما زال المصريون يذكرون لقاهم السنوي المنتظر في عيد العمال من كل عام بالرئيس جمال عبد الناصر، وكيف تصايحوا عاما بعد عام "المنحة يا ريس" ومداعبات الرئيس الراحل لهم ثم إنعامه عليهم بما تيسر! هكذا انقلبت الأوضاع فقبل المصريون أن يتسولوا كسوة أولادهم ممن هو في الواقع موظف عندهم بدرجة "رئيس جمهورية."
ليت الرئيس الراحل عبدالناصر يرى ما حل بمصر، وليت المصريون يدركون اليوم ما أنتجه سكوتهم عن الاستبداد واستكانتهم وانقيادهم لستين عاما للرأي الواحد والزعيم الواحد الذي يعرف وحده مصلحة مصر ومصلحة المصريين! لقد أوشك العالم على إصدار شهادة وفاة مصر التاريخية؛ "أم الدنيا".. يا ألف خسارة!!!
كتب الأستاذ محمد حسين يونس:
"مصر التي قادها العسكر إلى خراب اقتصادي، اجتماعي، سياسي بمغامرات غير محسوبة وقوانين تؤله الحاكم وتجعل من الدولة عزبة له ولأفراد أسرته...ينتظرها ما هو أكثر إظلاما بعدما يقفز السلفيون واخوانهم المسلمون إلى كراسي الحكم مستكملين غزوة وهابية بدأت في نهاية سبعينيات القرن الماضي.
الإخوان والسلفيون يعدون لدستور (إسلامجي) قادم من العصور الوسطى يهمش حقوق الانسان ويعلى من قيمة اداء الطقوس الدينية وتطبيق شرائع عرب الجاهلية من قطع الاعضاء البشرية والجلد والرجم وبيع العبيد في أسواق النخاسة.
الإخوان والسلفيون عملاء السعودية الذين يخططون لان يتحكموا (ديموقراطيا) في التشريع والقضاء في الجهاز الإداري هم الخطر الحقيقي على مصر والمصريين وسوف يكونون بقوانينهم وأوامرهم وتعليماتهم التي سوف ينفذونها بمليشياتهم المستعدة من الآن، العائق أمام أي محاولة للحاق بالعصر أو الخروج من مأزق ما بعد انتهاء حكم ديكتاتور فاسد محدود الذكاء والقدرات دام لثلاثة عقود.
الاستعمار الأمريكي، الإسرائيلي، الوهابي الذى مهد له خالد الذكر الرئيس المؤمن وخدمه بكفاءة خليفته بطل الحرب والسلام قرر لمصر والمصريين حكما فاشيستيا إسلاميا يحافظ على واقع الحال كما كان واستمر لأربعة عقود لتقفز إلى دائرة الضوء (فجأة) السلفيون بأفكارهم المخلوطة القادمة من أعماق التخلف التاريخي لامة الاسلام، والإخوان المسلمين المسلحون بأموال طائلة اكتسبوها من العمالة للسعودية والوهابية والنصب والاحتلال بواسطة شركات توظيف الاموال والصفقات المشبوهة مع تجار تورا بورا للمخدرات، يغرقون مصر والمصريين في بحر من الاوهام والصراعات الاثنية الشوفينية ومعارك ضد القبط والمرأة والعلمانية الليبرالية لاعقين أحذية من تبقى في السلطة من العسكر.
ولأنه النداء الاخير ولأنه ستحل بعده عقود من ظلمات طويلة فإن على الشيخ المسن أن يقول كلمته ويجلس منتظرا تتابع أفول الحلم الذى كان لجيله دليلا ومرشدا خلال سنين نصف قرن، حاولوا فيها أن يكون لوطنهم علما مرتفعا خفاقا في سماء التقدم والحرية والإنسانية بين أعلام من عرفوا الطريق وساروا على الدرب.
مصر اليوم لا تنتج الا بشرا لديهم أفكار متخلفة وعلاقات جوار بدائية واحباطا سائدا، نحن الآن تعدينا الثمانين مليون بشرى الذين لا مستقبل لهم بين الامم المعاصرة، فحلم الزراعة الكثيفة التي تغطى مساحات واسعة من الأراضي أجهض بعد أن أنفق المبارك مليارات الجنيهات على مشروع توشكى وسلمه لعصابات المافيا التي نهبته وأهدرت الفرصة استمرارا لتقاليد الادارة الخاطئة لهيئة تعمير الصحارى (الناصرية) التي لو كانت قد استغلت مخزون مياه الصحراء الغربية في الري لتمكنت من تغطية احتياجات الشرق الأوسط بالكامل من حبوب وخضروات وفاكهة.
إهمال العسكر للزراعة وقوانينهم التي فتتت المساحة المزروعة اصابت الزراعة التقليدية بالضمور وجرفت الارض الخصبة لصالح المباني الخرسانية وما تبقى لم يجد ما يكفي من ماء فاستخدم مياه الصرف الصحي لنأكل منتجات تم ريها بالمجاري وتسميدها بالحمأة التي تحتوى على الطفيليات والمعادن الثقيلة المؤدية للتخلف العقلي.
هل الإسلامجية لديهم حل لمشكلة اخفاق الزراعة في تلبية احتياجات شعب يتزايد بمتوالية هندسية؟! أم هم سيعتمدون على تسول الحبوب من السعودية والدعاء لرب العالمين أن يجعل قلوب أسيادهم بهم حانية بعد كل صلاة؟!
نحن لم نعد نصنع، لقد تخلفت المعدات والمصانع وأساليب الادارة لدرجة أن القماش والملابس القطنية التي اشتهرنا بها توقف انتاجها لعجزها عن منافسة المستورد كنوع وسعر. لقد أغلقت الفترة المباركية الألف مصنع التي كان عبد الناصر يطمع في أن يجعلها تغطى احتياجات المصريين من الإبرة للصاروخ وضربت الفوضى الصناعة حتى تلك التي انشأها أباطرة الانفتاح لإنتاج الصابون ومعجون الأسنان والشامبو والسيراميك والسجاد جاء انتاجها رديئا ولا يسمح بتداوله إلا في مصر وتحول عنه معظم المستهلكين لمثيله المستورد الأرخص والأفضل.
الصناعة الكثيفة العمالة كإنتاج الألومنيوم والحديد والصلب والكيماويات مثل السماد والمبيدات والاسمنت تخلصت منها معظم دول الأرض الصناعية وتركتها لدول العالم الثالث تدمر البيئة وتسبب الأمراض للبشر ويكفي أن تمر من الطريق حول حلوان لترى ماذا فعلت بها مداخن مصانع الاسمنت والحديد والصلب.
هل الإسلامجية لديهم حل لمشاكل البيئة والصناعة وتحويل مصر من مستهلك لصناعات الغير إلى مصدر لمنتجات معاصرة كما تفعل الصين وجنوب شرق آسيا.. وهل في إسلامهم الذى هو الحل كيف يمكن المنافسة في الصناعات الالكترونية وبرامج الكمبيوتر التي أصبحت الكنز الذى يدر ذهبا على الهنود.
الفنون التي تعاديها جحافل السلفيين والاخوان: سينما، مسرح، موسيقى، قصص، روايات، أغاني، رسم، ونحت والتي كانت مصر رائده فيها تصدر إنتاجها لجميع الناطقين باللغة العربية روائع لام كلثوم وعبد الوهاب وفريد الاطرش ونجيب محفوظ وراغب عياد وفاتن حمامة ونجيب الريحاني ومختار... وتخرج من مدينة الفنون عشرات المبدعين المعاصرين الذين يتناولون الفن كما يبدعه عالم اليوم ..ماذا سيحدث له اذا ما استبدل بغثاثات فنون السلف الصالح والطالح...هل سنطفئ الانوار ونضع قيود السعودية على الفنون فنمنع أن يجلس رجل على كرسي كانت تجلس عليه امرأة في الفيلم أو المسلسل، خسارة مصر في انهيار الفن أثناء حكم العسكر لن يقارن أبدا بما سيحدث لفن المصريين عندما يحكمهم أصحاب الزبيبة واللحى أعداء الابداع.. وهكذا سيكون التعليم والطب والصيدلة والأبحاث وعلوم الادارة والقانون والثقافة والإعلام اما السياحة فهي لدى السلفيين أو الإخوان بشقيها التثقيفي والتاريخي حرام.. حرام.. حرام؛ فهم ضد الشواطئ التي يُرتـَدى المايوه فيها حتى لو كانت المرتدية أجنبية والفنادق التي يتم تداول الخمور فيها حتى لو كان من يخدم عليها من غير المسلمين، واللحوم التي لم يقرأ عليها عدية ياسين وحتى زيارة الأولياء والموالد ممنوعة، كل شيء حرام في حرام وخصوصا آثار تلك الحضارة السامقة التي كانت للمصريين فهي تذكرهم بدونيتهم وانخفاض قيمتهم البدوية فوجب القضاء عليها وسبحان الله الذى هداهم للإسلام ليدمروا حضارة مصر القديمة وتماثيلها ومتاحفها ومعابدها وأهراماتها...السلفيون والإخوان بينهم وبين الحضارات القديمة (تار بايت) فعندما قـُِرئت طلاسمها فضحتهم وبينت أنهم قد أقاموا عقائدهم على أفكار تم تداولها بين الذين كانوا في يوم ما نور العالم.
السلفيون والإخوان سيغلقون كل ما يتصل بالسياحة من مسارح وكباريهات وسينمات ومعارض ويبنون مكانها مساجد يذكر فيها اسم ربهم رغم أن معظم الغانيات لبسن النقاب ويعملن في حراسة أصحاب اللحى من مشايخ ودعاة.
أما الأخوة المثقفون والاقباط فسيدعونهم بالموعظة الحسنة لترك فسطاط الباطل وسلوك الدرب الإسلامي السلفي الوهابي، كل قبطي مسلم أو مسيحي عليه أن ينضو تحت رايات السلف، لا يبول واقفا حتى ولو كان أمام المبولة، ولا يرتدى الملابس الافرنجية ويطلق لحيته ويصر على أن ترتدى حرماته الحجاب والنقاب ويترك ما يعمل به عند سماع الآذان ليصلي ويتوقف عن الانتاج طول شهر رمضان وسيتحرك كل جند الله ميليشيات السلف والإخوان المسلمين بالعصى والكرابيج للتأكد من أن تعليماتهم يتم اتباعها، هكذا رأيناهم في افغانستان وغزة والسودان والصومال والعراق.. فلتسقط الثقافة .. فلتسقط المعاصرة .. فلتسقط الديموقراطية بعد أن تصل بهم إلى كراسي الحكم.
لم نسمع من هؤلاء المتخلفون عقليا وحضاريا طوال تسعة أشهر رفع عنهم فيها الحظر وسمح لهم بأن يتكلموا الا كل سخف وخلط وغباء...ما معنى أن ترشح سيدة مغطاه بملاءة سوداء ولا يمكن تفريقها عن رجل متخفي نفسها لمجلس الشعب أو الشورى على الا تكلم أو تخالط زملاء لها من الذكور.
ما هو السبب الذى يجعل طلاب جامعة القاهرة (أول جامعة في مصر) من متخلفي الإخوان يدعون إلى فصل الشباب عن الشابات في المدرجات والسكاشن وتحويل الجامعة إلى جامعة أزهرية بعد مائة سنة من انشائها مدنية هروبا من تعليم الأزهر الديني، هل يخافون المنافسة؟! هل الآنسات أفضل منهم في التحصيل فيريدون ابعادهم؟! وما مشكلة الزواج العرفي الذى يتشدقون به، أليس هو اختراع إسلامي ضمن عشرات أنواع النكاح المتداولة بين السلف الصالح والطالح؟!
ان التعليم كما عرفناه سينطفئ نوره بفضلهم ويعود بنا إلى الكتاتيب وساحات الجوامع لتحفيظ القرآن والسنة والتفسير.
أما أعلى درجات السخف والقصور الذهني فهو ما اشاعوه بأن على المسيحي والغير مسلم أن يدفع الجزية صاغرا حتى يتمتع بحمايتهم، اصلاح الاقتصاد بالغزو واسترقاق العبيد، تحطيم الكنائس والمزارات والقبور تخاريف كنا قد تجاوزناها منذ عدة عقود حتي هلت علينا جموع من المتنطعين لتهدى المصريين إلى الإسلام فكان هذيانهم أن أطلقوا اللحي والبسوا قصير الجلاليب .
أي إسلام هذا الخارج من الكهف لتوه بعد ان نام لقرن كامل؟ هل قرر المصري إهدار جهد كل التنويريين الذين بدأوا مع محمد على ولازالوا يكافحون ويعود ببلاده إلى ظلمات القرون الوسطى والمماليك ؟ هل ضاع جهد محمد عبده، وخالد محمد خالد والشيخ شلتوت وجمال الدين الأفغاني ونصر حامد ابو زيد لتبقى سخافات عبدة الريال السعودي.
النداء الأخير للمصريين .. قبل أن تذهب إلى صندوق الاقتراع كون معلومات دقيقه عن أهداف من ستعطيه صوتك؟.. ماذا قدم لمصر؟.. وماذا بمقدوره أن يقدم؟.. ومن أين حصل على الدعم المادي؟ ..ومن الذى يسانده دعائيا؟
النداء الأخير للذاهبين على صناديق الاقتراع.. حياتك وحياة عائلتك وأطفالك وأحفادك كلها ستتأثر باختيارك، ليكن لصالح الزراعة والصناعة والسياحة والفنون والعلوم والابتكار والفلسفة والتطور قبل أن يكون لكيف تبول شرعا وكيف تلزم بأن تستسلم للحاكم دون أن تثور على ظلمه وتهميشه وجعلك في اسفل الطابور البشرى.
النداء الاخير للمرأة والقبطي.. لا تثقوا فيمن يحاول إذلالكم وقفل الأبواب أمامكم وجعلكم مواطنين من الدرجة الثانية مهما قدموا من وعود للطمأنة.
أما أنا فلن أذهب إلى صناديق الاقتراع أو أشارك (حتى بالسلب) أن يتولى عرش مصر سلفي منحط الاهتمامات والتفكير ويقيدها إلى صاروخ فقهى يعود بها القهقرى لأربعة عشرة قرنا.


الخميس، 8 مارس 2012

من روائع "جبران خليل جبران"

لا تجالس أنصاف العشاق، ولا تصادق أنصاف الأصدقاء، لا تقرأ لأنصاف الموهوبين، لا تعش نصف حياة، ولا تمت نصف موت، لا تختر نصف حل، ولا تقف في منتصف الحقيقة، لا تحلم نصف حلم، ولا تتعلق بنصف أمل.. إذا صمتّ.. فاصمت حتى النهاية، وإذا تكلمت.. فتكلّم حتى النهاية، لا تصمت كي تتكلم، ولا تتكلم كي تصمت. 

إذا رضيت فعبّر عن رضاك، لا تصطنع نصف رضا، وإذا رفضت.. فعبّر عن رفضك، لأن نصف الرفض قبول.. النصف هو حياة لم تعشها، وهو كلمة لم تقلها، وهو ابتسامة أجّلتها، وهو حب لم تصل إليه، وهو صداقة لم تعرفها.. النصف هو ما يجعلك غريباً عن أقرب الناس إليك، وهو ما يجعل أقرب الناس إليك غرباء عنك، النصف هو أن تصل وأن لاتصل، أن تعمل وأن لا تعمل، أن تغيب وأن تحضر.. النصف هو أنت، عندما لا تكون أنت.. لأنك لم تعرف من أنت.

النصف هو أن لا تعرف من أنت.. ومن تحب ليس نصفك الآخر.. هو أنت في مكان آخر في الوقت نفسه !!.. نصف شربة لن تروي ظمأك، ونصف وجبة لن تشبع جوعك، نصف طريق لن يوصلك إلى أي مكان، ونصف فكرة لن تعطي لك نتيجة.. النصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز.. لأنك لست نصف إنسان. أنت إنسان.. وجدت كي تعيش الحياة، وليس كي تعيش نصف حياة !!

"جبران خليل جبران"

الأربعاء، 15 فبراير 2012

دكتور أحمد البغدادي: عجيبة العجائب!

عجائب الدنيا سبع كما نعلم، ولكن هناك "عجيبة العجائب" التي لا تحتسب ضمن عجائب الدنيا، ألا وهي الأمة المسلمة، ولا أقول الإسلامية، ففي هذه الأمة المسلمة من عجائب الأمور ما لم تشهده أمة من الأمم منذ أن خلق الله سبحانه آدم عليه السلام، وإليكم بعضا من هذه العجائب:

1.       الأمة الوحيدة التي ترى أنها الوحيدة بين الأمم على حق وفي كل شيء، وأن الآخرين على باطل.
2.       الأمة الوحيدة التي تطلق سراح أو تخفف العقوبة الجنائية للمجرم إذا كان مسلما وتمكن من حفظ بعض سور القرآن الكريم.
3.       الأمة الوحيدة التي يمكن لرجل الدين فيها الإفلات من عقوبة التحريض على القتل إذا وصف أحد الخصوم بالمرتد.
4.       الأمة الوحيدة التي لا تقتل القاتل إذا أثبت أنه قتل مرتدا.
5.       الأمة الوحيدة التي تعامل القاتل بالحسنى بالعقوبة المخففة إذا قتل أخته أو زوجته من أجل الشرف.
6.       الأمة الوحيدة التي ورد في كتابها المقدس كلمة " أقرأ"، ومع ذلك تعد من أقل أمم الأرض قراءة للكتب. أو بالأصح لا تقرأ.
7.       الأمة الوحيدة التي لا تزال تستخدم كلمة التكفير ضد خصومها المعارضين لرجال الدين والجماعات الدينية.
8.       الأمة الوحيدة التي تضع حكم الفتوى فوق حكم القانون، وتدعي بكل صفاقة أنها دولة قانون.
9.       الأمة الوحيدة التي لا تساهم ولا بصنع فرشاة أسنان في العصر الحديث، ومع ذلك تتشدق بحضارتها البائدة.
10.   الأمة الوحيدة التي تشتم الغرب وتعيش عالة عليه في كل شيء.
11.   الأمة الوحيدة التي تضع المثقف في السجن بسبب ممارسته حرية التعبير.
12.   الأمة الوحيدة التي تدعي التدين وتحرص على مظاهره رسميا وشعبيا ومع ذلك لا يوجد بها أمر صالح.
13.   الأمة الوحيدة التي تعطي طلابها درجة الدكتوراه في الدين.
14.   الأمة الوحيدة التي لا تزال محكومة بكتب الموتى من ألف عام.
15.   الأمة الوحيدة التي يداهن فيها رجال الدين الحكام ويسكتون عن أخطائهم حتى ولو كانت شرعية وضد الدين.
16.   الأمة الوحيدة التي لا تعترف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
17.   الأمة الوحيدة التي تحرم جميع الفنون الإنسانية، ولا تعترف سوى بفن الخط
18.   الأمة الوحيدة التي تشترك في دين واحد ومع ذلك لا تتفق الجماعات الدينية فيها على رؤية واحدة لأحكام هذا الدين.
19.   الأمة الوحيدة التي يهذر فيها رجل الدين كما يشاء ثم يختم كلامه ب " والله أعلم"، وكأن الناس لا تعلم ذلك.
20.   الأمة الوحيدة التي لا تزال تؤمن بإخراج الجن من جسد الآدمي حتى ولو كان ذلك عن طريق القتل.
21.   الأمة الوحيدة التي لديها جيوش وأرضها محتلة وتخشى القتال.
22.   الأمة الوحيدة التي ينطبق عليها وصف الخالق سبحانه " تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى".
23.   الأمة الوحيدة التي تسأل في قضايا الدين وتبحث عن إجابات ترضيها منذ لا يقل عن ألف عام.
24.   الأمة الوحيدة التي لديها شهر صيام واحد في العام تتكرر فيه أسئلة الجنس أكثر من أسئلة العبادة.
25.   الأمة الوحيدة التي تصدق كل ما يقوله رجل الدين دون تحقيق علمي.

هذه الأمة وبكل هذه الصفات الفريدة، ألا تستحق أن توصف بأنها.. "عجيبة العجائب"؟

دكتور أحمد البغدادي - الكويت.