الأربعاء، 26 مارس 2014

هل حان الوقت لإلغاء تأجيل التجنيد لمرتكبي العنف ومخالفي القوانين السارية؟

لأن القوى العظمى لا تغير أهدافها - حتى بعد هزيمة كبرى كتلك التي ألحقتها بها ثورة 30 يونيو - ولكنها تغير استراتيجياتها وتستبدل آلياتها لتحقيق ذات الهدف، فمن المنتظر أن تسعى القوة الأعظم إلى بدائل لإعادة إنتاج السيناريو السوري في مصر، وهو ما يبدو في تصاعد الإرهاب واستمرار التأييد الأمريكي الذي يصل لدرجة حماية الإرهابيين، مقابل تردد الدولة المصرية وتقاعسها عن فرض إرادتها تحقيقا للمصلحة الوطنية، وهي الأمور التي يمكن أن تؤدي إلى إطالة وجود الجماعة الإرهابية العميلة وإكسابها وزنا والتصاقا على الأرض، وفي نهاية الأمر إلى تكرار السيناريو السوري في مصر إذا لم تتم مواجهتها وتوجيه ضربة شاملة وخاطفة وفعالة لكل عملاء القوة الأعظم بالداخل.
من الواضح أن استمرار مظاهر العنف في الجامعات وقطع الطريق العام هو انعكاس للإرادة الأمريكية الاستعمارية ونتاج للسياسة المتخاذلة للحكومة السابقة التي أمعنت في مهادنة معتصمي الجماعة المسلحين في تقاطع رابعة وميدان النهضة، ثم لإهمال وزير التعليم العالي لواجباته وإصراره غير المسئول - بخلاف كل الدنيا التي تعرف بوليس الجامعة campus police - على إلغاء الحرس الجامعي حتى اقتنع الإرهابيون بغياب الدولة وبقدرتهم على ممارسة الإرهاب بلا رادع أو حتى إجراءات تأديبية كالفصل من التعليم الجامعي المجاني أو الطرد من المدن الجامعية المدعومة أو إلغاء تأجيل التجنيد لمثيري الشغب ومرتكبي العنف ومخالفي القوانين السارية.
بل أن تخاذل الحكومة السابقة - الذي ما زال مستمرا حتى الآن بعد تولي الحكومة الجديدة - ومازالت توفر لهم السكن والطعام والملاذ ومراكز التخطيط والقيادة ومخازن الأسلحة والقنابل الحارقة ليستمروا في إرهابهم دون رادع، حتى ظهر للعالم أن في مصر قوتان متكافئتان، وأننا في حالة "باطا." لم يعد مقبولا أن تستمر الدولة في دعم الإرهابيين من أموال المصريين ليحرقوا الجامعات والممتلكات العامة والخاصة وليقتلوا الأبناء من أبطال الشرطة والجيش. بل أن الوقت قد حان لطردهم من الجامعات وإلغاء تأجيل تجنيدهم - بدلا من تركهم في الشوارع - والدفع بهم لتأدية الواجب الوطني كمجندين في مواقع العمل في أماكن نائية طال إهمالها تحتاج لعمل وعرق كثير، مثل "توشكى والوادي الجديد" لإعادة تأهيلهم وليتحولوا إلى أدوات للبناء بدلا من معاول للهدم وقنابل للحرق وأسلحة للقتل!
 دكتور مدحت بكري
مستشار إدارة التغيير بالأمم المتحدة سابقا
http://medhatbakri.blogspot.com/2014/03/blog-post_26.html
https://www.facebook.com/groups/840761929283900/member_suggestion/
https://www.facebook.com/medhat.bakri
 

الأحد، 23 مارس 2014

كيف نعظم عائد "حدث المليون وحدة سكنية"؟



ليس هناك شك فيما حققته المساندة المالية الخليجية للاقتصاد وللمجتمع المصري وإنها قد أعادت الحياة إلى الجسد المصري المعتل في لحظة فارقة لن ينساها المصريون لأشقائهم في الخليج. وللأسف استخدمت هذه الأموال الطائلة لمجابهة الأزمات. إلا أن للمشروع الإماراتي لبناء مليون وحدة سكنية للمصريين في خمس سنوات مردودا دائما وتأثيرا مضاعفا multiplier effect لما يمكن أن يبنى عليه من قيم مضافة إذا ما لم يقتصر على توفير السكن وحل أزمة الإسكان ونشيط الاقتصاد بصفة عامة، وامتد إلى تنمية البشر بتحقيق هذا "الحدث الاستثنائي" لفرص عمل وتدريب للشباب في إطار المشروع، وتحفيزهم للإتقان، وخلق الوعي المجتمعي بقيمة العمل والمحافظة على أصول البلد ونظافتها ورونقها.

ولأن من الذكاء أن نستفيد من كل ما يمكن من الأحداث المهمة التي لا تتكرر، وحتى لا نعيد أساليب الماضي ويقتصر عائد المشروع على توفير وحدات سكنية متدنية النوعية تعاني من مشاكل تدني مواصفات الجودة والتنفيذ، وحتى يتحقق التعاضد synergy المأمول والممكن وليصبح طريقة حياة ويمثل نقلة نوعية للشباب - المستفيد من المشروع - ثم للمجتمع، أرى أن يتم تخصيص هذه الوحدات لشباب الحرفيين والمهنيين الذين نشركهم في برامج مشتركة لوزارات التنمية الإدارية والتعليم والصناعة والإسكان "لبناء القدرات" الحرفية والمهنية والإدارية، ليقوموا بعمليات الإدارة والتطوير والبناء الفعلية لوحدات يعرفون مسبقا أنها بنوها بأنفسهم لأنفسهم، بعد أن أتموا تدريبهم. وبذلك نكون قد أضفنا إلى قيمة وقيم الشباب، ويكون المشروع قد أدى دوره في تنشيط الاقتصاد وخلق فرص عمل وتشغيل وبناء قدرات لمليون شاب، وحفز الشباب للعمل المنتج المنضبط عالي الجودة، وأنتج القدرات اللازمة لحسن إدارة وصيانة المستفيدين للمباني وللمواقع والمحافظة على رونقها ونظافتها، وأذكى الشعور بحقوق وواجبات المواطنة. 
دكتور مدحت بكري
مستشار إدارة التغيير بالأمم المتحدة سابقا
 


 

الجمعة، 21 مارس 2014

انتبهوا... فالمشير السيسي ليس ساحرا!


صحيح أن المشير السيسي يكاد أن يكون الشخص الوحيد في قائمة المرشحين المحتملين لرئاسة مصر الذي يملك سابقة الأعمال والمؤهلات والخبرات والتدريب التي ينتظر معها أن يحقق نجاحا على عدة جبهات في موقف بالغ التعقيد، فهو خريج وقائد للمؤسسة العسكرية المصرية التي استوعبت درس الهزيمة في 1967 فاستعدت واستخدمت  - بحكم احتياجاتها - كل علوم الإدارة الحديثة التي طورتها المؤسسات العسكرية العالمية، بما في ذلك التخطيط الاستراتيجي وبحوث العمليات وإدارة سلاسل التموين والتحريك.

بينما المرشح الآخر الوحيد حتى الآن الأخ حمدين صباحي، فهو ممن قال فيهم الرسول الكريم "رَحِمَ اللهُ امرئ عرِفَ قدْرَ نْفسه". رجل حالم حلو الكلام، طموح على غير أساس، ليس له خبرة تنفيذية يعتد بها، لم يحقق في حياته إنجازا، ولا يملك خبرة واحدة تبشر بأن في استطاعته تحقيق أي شيء لمصر في هذه المرحلة الحرجة شديدة التعقيد من تاريخ الوطن.

ولأن مصر لا تملك في هذه المرحلة رفاهية التجربة والخطأ، ولأننا في موقف استثنائي يتطلب قدرات استثنائية مجربة، ولأن حالنا لا يمكن أن يكون في هذه الظروف المستحيلة "عمل كالعادة business as usual" فليس أمامنا ثمة اختيار لنجاح عبور جديد أخطر وأصعب من عبور 1973 المظفر - الذي صنعته بأدوات الإدارة وأنجزته بالتضحية والفداء والدماء القوات المسلحة المصرية - إلا تولية المشير السيسي المسئولية.

إلا أن الحمل الذي ينتظر المشير هو حمل مستحيل تنوء به الجبال، ولا يمكن أن يحمله فرد بمفرده مهما بلغت شجاعته وعبقريته في هذه الأنواء الدولية المصحوبة بهجمة إرهابية ليس على مصر فقط ولكن على الإقليم بأكمله في تكرار تاريخي لتقسيم المنطقة في 1916، وهو ليس بطبيعة الحال ساحر قادر على تحقيق المستحيل، ولذلك فعلينا أن نفهم أن علينا جميعا أن نعينه عليه، وأن الوقت قد حان للعودة إلى شعار "الاتحاد والنظام والعمل" العبقري، الذي لم نكن أبدا في حاجة أكثر لمعانيه، حتى في يوليو 1952.

فلنتحد وننتظم ونعمل ونؤجل رغباتنا ومطالبنا الشخصية والفئوية، وليلتف حوله رجال دولة وأصحاب خبرات تنفيذية ودبلوماسية وقدرات فكرية وسياسة ودينية وقانونية من أمثال السيد عمرو موسى والدكتور طارق حجي والأستاذ رجائي عطية لنعين الرجل على ما ابتلاه الله... وإلا!!!

دكتور مدحت بكري
مستشار إدارة التغيير بالأمم المتحدة سابقا