لعل فيما ذهب إليه الصديق الدكتور إسماعيل
سراج الدين في مقاله بأهرام 21 أكتوبر 2013 بعنوان "نريد مجلس نواب وآخر
نوعيا" كل الحق والحكمة لما أورد من ضمانات يحققها المجلس الثاني. وأضيف إلى
ذلك أن يحقق هذا المجلس العدالة للمسيحيين وللمرأة وللمناطق الحدودية - اللذين طال
ظلمهم وتهميشهم في نظامنا النيابي في الماضي - بالنص على تمثيل المسيحيين بخمس عدد
الأعضاء وتمثيل المرأة بنصف عدد الأعضاء وأن يحقق هذا المجلس أيضا عدالة التمثيل
الجغرافي والنوعي بإعطاء كل المحافظات أوزانا متساوية بصرف النظر عن عدد السكان
بكل محافظة، وتمثيل كل المحافظات بالتساوي بخمسة أعضاء من كل فئات المجتمع وأحزابه
يتم اختيارهم بالانتخاب الحر المباشر بالنظام الفردي لكل محافظة، وأن يكون التمثيل
الصحيح للمسيحيين وللمرأة شرطا لصحة الصوت.
وحتى لا يكون المجلس تكرارا لتجربة مجلس
الشورى المغرضة الفاشلة، أقترح أن يكون هذا المجلس مجلسا للشيوخ له نفس اختصاصات
وسلطات مجلس النواب، لا يقل عمر أعضائه عن 35 أو 40 عاما مع تخفيض سن الترشح لمجلس
النواب ليضمن لشباب الثورة تمثيلا أكبر يعكس دورهم في قيادة معركة تخليص الوطن من
أنظمة فاسدة ومستبدة، وأيضا تقديرا للقدر من النضج والوعي الذي اكتسبوه في سنوات
ثلاث. إلا أن عدالة التمثيل الجغرافي ستتطلب إعادة رسم خريطة الحكم المحلي
لضمان تمثيل كاف وعادل لكافة مكونات المجتمع المصري المتنوع، خصوصا في المناطق
الحدودية الجنوبية والشرقية والغربية التي تعرضت في الماضي للإقصاء والغبن، ومن ثم
الإخلال بالحقوق بشكل أدى إلى الشعور بالظلم وأثر على الانتماء الوطني.
وإذا كان تطبيق مبدأ النسبة والتناسب في
أعداد المرشحين بالنسبة لتعداد المحافظات قد أدى إلى سلامة التمثيل السكاني، فإنه
أدى في نفس الوقت إلى الإخلال بالتمثيل الجغرافي والنوعي، ومن ثم تغول المحافظات
كثيفة السكان على حقوق المحافظات قليلة السكان خصوصا الحدودية في الجنوب وسيناء والغرب،
وأثر على معدلات تنميتها وأدى إلى تخلفها وفقرها وإلى شعورها بالظلم، وأثر على
انتمائها الوطني وأصبح يهدد وحدة الوطن والأمن الوطني. وبنفس الطريقة أدت
الانحيازات المجتمعية الموروثة، والفقر والأمية، والاندماج السكاني وعدم الفرز
الديني إلى استبعاد الأقباط المسيحيين والمرأة من العملية الانتخابية وأدى إلى
تهميشهما.
ولذلك، لم ينجح التنظيم الحالي السلطة
التشريعية حتى الآن في تحقيق العدالة الجغرافية ومبدأ المواطنة وتساوي الحقوق ومنع
التمييز بسبب العرق أو الجنس أو الدين أو العقيدة، وهو ما يتطلب إعادة هيكلة
السلطة التشريعية وخلق نظام للضوابط والتوازنات checks and balances ببرلمان
من غرفتين لتحقيق العدالة الجغرافية ومنع التمييز. وبدون هذا التساوي في اختصاصات
وسلطات المجلسين، وهذه الفروق في تكوينهما لتحقيق التوازن بين المرأة والرجل، وبين
الشباب والشيوخ، ولضمان تمثيل الأقلية الدينية والمناطق الحدودية، تستمر السلطة
التشريعية في أدائها المنفلت والمتحيز وغير العادل. وهذا النظام هو نظام معمول به لأسباب
مختلفة في عدد من الدول من بينها الولايات المتحدة الأمريكية.
دكتور
مدحت بكري
مستشار إدارة التغيير
بالأمم المتحدة سابقا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق