الاثنين، 10 سبتمبر 2012

الإطار الدولي للمنطقة.. هل يبتلعنا الغول بينما ما زلنا في "غيبوبة مصطنعة"؟

غول سياسي على شكل حرف L.. الوحش الخرافي للتوراة يخرج من جوف البحر

ملف خاص نشرته جريدة المستقبل العراقي الصادرة ببغداد في 28/8/2012
تنفرد جريدة “المستقبل العراقي” من بين الصحف العربية والأجنبية بالكشف لأول مرة عن أكبر المخططات العدوانية، التي استهدفت ومازالت تستهدف البلدان العربية الواقعة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، مخططات سياسية كبرى على شكل حرف "L" لم تعلن عنها القوى الشريرة حتى الآن، لكنها باشرت بتفعيلها بإشراف مهندس الأزمات، وخبير الفواجع والنكبات، وجالب الفتن والمحن، البروفسور برنار هنري ليفي منذ اليوم الذي اندلعت فيه أولى زوابع "الربيع العربي" وحتى يومنا هذا، وإليكم آخر التفاصيل كتبها كاظم فنجان الحمامي:
لم تهب أعاصير "الربيع العربي" على عواصم البلدان العربية في حوض البحر الأبيض المتوسط من باب الصدفة، ولم يتزعزع الأمن والاستقرار في ربوع الشام وبقاع لبنان بسبب تأثرها بإيقاعات المتوالية العددية لتساقط قطع الدومينو على طاولات الفيس بوك، ولم تقام الحواجز الخراسانية حول قطاع غزة لترجيح كفة "فتح" على "حماس"، ولم تُقتلع جذور الأنظمة القوية المتسلطة في تونس وليبيا ومصر بمعاول الانتفاضات الثورية العفوية، وإنما اقتلعتها بلدوزرات التغيير المندفعة بقوة المؤامرة L، التي لن تتوقف عن تحطيم كل ما يقع في طريقها حتى تضمن الفوز المطلق بحصة الأسد من مكامن الحقول الغازية الجبارة، التي حملت ملامح الحرف L شكلاً ومضموناً، وحملتها رمزا توراتيا محفورا في واجهات النظام العالمي الجديدNew World Order..
لو نظرنا نظرة فاحصة لخارطة البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط، لظهرت لنا ملامح الحرف L بذراعه الطويل الممتد بالاتجاه الشرقي من مدينة بنزرت في تونس إلى مدينة العريش في سيناء مرورا بمدينتي طرابلس وبنغازي في ليبيا، ثم مدينتي الإسكندرية وبورسعيد في مصر، ينحرف بعدها بزاوية قائمة نحو الشمال لاستكمال الذراع القصير لحرف L الممتد من مدينة رفح إلى مدينة الإسكندرونة مرورا بغزة وتل أبيب وحيفا وصور وصيدا وبيروت وطرابلس وطرطوس واللاذقية، حرف كبير يبسط ذراعيه على ستة بلدان، ثلاثة منها في قارة أفريقيا، هي تونس وليبيا ومصر، والثلاثة الأخرى في قارة آسيا، هي إسرائيل ولبنان وسوريا، لكن سواحلها كلها تطل على حوض البحر الأبيض المتوسط. .

زوابع الحرف "L"

ليس من باب الصدفة أن تقوم القيامة في خمسة من البلدان الستة في متوالية زمنية تبعث على الريبة، وليس من باب الصدفة أن تنهار حكوماتها أو يتزعزع الأمن فيها باستثناء حكومة تل أبيب، التي وقعت خارج التغطية بالنسبة لشبكات “الربيع العربي”، وليس من باب الصدفة أن تتفجر الأوضاع السياسية في تونس ومصر وليبيا وسوريا، وتهتز في لبنان وغزة، في مواعيد متقاربة، وظروف متشابهة، وليس من باب الصدفة أن يكون الصهيوني المتطرف برنار هنري ليفي هو الضيف المرحب به في عواصم الدول العربية الواقعة على خطوط الحرف المشبوه، والتي تعافت توا من حمى “الربيع العربي”، وليس من باب الصدفة أن تكون المدن الواقعة تحت تأثيره مشمولة بالزلازل السياسية المدمرة، التي اجتاحتها وحدها، فقلبت عاليها سافلها، واستبدلت أنظمتها السياسية بأنظمة جديدة من خارج التوقعات، وأقحمت دول المنطقة في دهاليز الصراعات القبلية والحزبية والطائفية والعرقية، وخططت لإشغال شعوبها بسلاسل لا نهاية لها من الأزمات والكوارث والفواجع والتهديدات، في حين كثفت إسرائيل أنشطتها التنقيبية عن مكامن الغاز بدعم مطلق من البيت الأبيض وقوى الناتو، وراحت تواصل تنفيذ برامجها التوسعية، وتبسط نفوذها البحري في أجواء مثالية يسودها الهدوء التام وراحة البال، من دون أن يزعجها أحد، ومن دون أن يرصدها راصد، وتطوعت بعض الأقطار العربية لتوفير الغطاء الكامل للمخططات الإسرائيلية، وذلك بعد استكمال ارتباطاتها المصيرية بحلف سري مع العدو "الودود".
الملفت للنظر إن الحرف L كان له وقعه القديم في بسط نفوذ الإمبراطورية الرومانية على مقتربات حوض البحر الأبيض المتوسط، وتَمثّلَ وقتذاك بالحدود الجغرافية لإيطاليا الحالية، التي ما انفكت تتباهى بدولتها المتطابقة من حيث الشكل مع أبعاد الحرف L، المشابهة لأحذية رجال الإطفاء، أو مشابهة للأحذية النسائية ذات الكعب العالي والعنق الطويل، لكننا نقف اليوم على مسافة قريبة جدا من قيام إمبراطورية أخرى في الحوض نفسه مشابهة تماما للحرف L، وهو الحرف الذي تحدثنا عن إحداثياته الجغرافية، ورسمناه بالخرائط الكنتورية الملونة.

الحرف الأول للحقل الغازي الهائل

لا يقتصر المفعول السحري للحرف L على النواحي الشكلية وحسب، بل يتعداها إلى الأبعاد الخفية، التي ترسم صورة التغيرات الجديدة في المنطقة ، فالحرف “L” هو الحرف الأول لأكبر الحقول الإسرائيلية الغازية المكتشفة حديثا في حوض المتوسط، وهو حقل “ليفياثان Leviathan”، أو “ليفانتاين Levantine”، أو “ليفانت Levant”، وقد استوحت حكومة تل أبيب اسم “ليفياثان Leviathan من التوراة، ويمثل وحش خرافي،  يخرج من جوف البحر، ويبتلع ما تقع عليه عيناه في السواحل القريبة والمدن الشاطئية، والحقيقة إن الموضوع ابعد بكثير من إحياء الرموز التوراتية والتلمودية، فقد جاء اختيارها لهذا الاسم بقصد الإشارة إلى حدود سلطات الدولة المؤسساتية المطلقة في تشكيلات النظام العالمي الجديد "NWO"، الذي بشر به توماس هوبز Thomas Hobbes (1588 - 1679)، وعبر عنه باصطلاح "ليفياثان"، ويمثل في نظره الدولة الحديثة، التي يتولى فيها السلطة قطب واحد، أو مؤسسة واحدة، ترتبط أطرافها بعلاقة تحالف، ومعاهدة مصيرية لتأمين المصالح المشتركة، ولا تُنقض المعاهدة حين تكون الأطراف في خطر، بل تُنقض في حالة انهيار نظام المؤسسة الحاكمة، وهذه هي الغايات الدفينة التي ستتضح لنا أبعادها بصورة جلية في هذا الموضوع.

 أصل الحكاية

في تشرين الثاني “نوفمبر” من عام 2010، عثرت إسرائيل على كنز غازي عملاق، يحاذي الشواطئ الفلسطينية المغتصبة، بعمق خمسة كيلومترات، في المياه الاقتصادية، التي أطلقت عليه اصطلاح "ZEE والتي كانت تبدأ من الطرف الغربي لميناء حيفا، ثم تتمدد بالطول والعرض لتقترب من الشواطئ اللبنانية والسواحل السورية، وتضم معها مقتربات جزيرة قبرص، وتحتوي على كميات هائلة من الغاز الطبيعي، يصل حجمها التخميني إلى مئات المليارات من الأمتار المكعبة. وبالتالي فإن الاكتشاف الغازي الجديد سيغير الحسابات التعبوية والسوقية، وسيفجر الأوضاع السياسية، ويقلبها رأسا على عقب، وسيزعزع الاستقرار في حوض المتوسط، فالحقل الغازي الجبار يبسط مكامنه البحرية في المياه اللبنانية والسورية ويمتد ليشمل المناطق المصرية والتونسية والليبية، ومن المؤكد انه سيخلق المزيد من التعقيدات في المواقف والأوضاع السياسية، وظهرت بوادر تلك التعقيدات بعد التدخل القطري والتركي المباشر في المنطقة، لأنهما يمثلان المخالب الخفية لانطلاق خطوط أنابيب مشروع "نابوكو"، ما يعني إننا نقف على بعد أيام معدودات من إعلان ولادة "خليج عربي" جديد في حوض البحر الأبيض المتوسط، وان الحروب الخليجية الساحقة، التي زعزعت استقرار المنطقة، واستنزفت ثرواتها في العقود القريبة الماضية، سيعاد تفعيلها من جديد بصيغة أخرى ستغير ملامح خارطة بلدان  المتوسط بأساليب طائفية رخيصة. .

المارد ليفياثان

جاء اكتشاف الحقول الغازية المتوسطية في هذه المنعطفات السياسية الحرجة ليضيف الرياح القوية للمهزلة، ويرسم سيناريوهات جديدة للتغيرات الجيوبولتيكية في المنطقة، وبتحريض مباشر من الأطراف المرتبطة بالتحالف الليفياثاني، الذي تكلم عنه هوبز، وبالاتجاه الذي يسهل الأمر على إسرائيل، ويخدم مصالحها الاستثمارية، ويساعدها على بسط نفوذها في المنطقة على شكل حرف “L".
بدأت حكاية ليفياثان Leviathan" عام 2009، وهو العام الذي باشرت فيه شركة “نوبل إنيرجي” تنقيبها في عرض البحر على بعد 80 كيلومترا غربي ميناء حيفا، فاكتشفت وجود الغاز الطبيعي في طبقات “تامار" بكميات تقدر بنحو 238 مليار متر مكعب، وتوسعت في مشاريعها الاستكشافية والتنقيبية فاكتشفت عام 2010 إنها أمام حوض هائل من الغاز الطبيعي، من النوع عالي الجودة، يحتوي على كميات خرافية من الغاز، يكفي لجعل إسرائيل من البلدان الفاحشة الثراء.
ومع اكتشاف هذا الحقل الخرافي بدأت إسرائيل بالتساؤل عن كيفية الارتقاء نحو مصاف الأمم المنتجة والمصدرة للغاز، وتساءلت عن كيفية حصد الموارد المالية الهائلة، وكيفية استثمار عوائدها النفطية والغازية، وتساءلت أيضا عن كيفية ضمان الهيمنة والاستحواذ على مكامن هذا الحقل كله، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه، ما يعني حرمان سوريا ولبنان من استثمار حصصها، ومنعها من الاستفادة من استحقاقاتها الغازية الواقعة في مياهها الإقليمية، فوجدت ضالتها في التآمر، بالسعي نحو استبدال الزعامات العربية الحالية بزعامات مضمونة الولاء لتحالف “ليفياثان". لقد أكد الناطق الرسمي باسم معهد الدراسات الجيولوجية في الولايات المتحدة USGS" بقوله: “إن منابع الغاز في حوض البحر الأبيض المتوسط توازي كبريات المنابع الغازية المستثمرة الآن في مناطق متفرقة من العالم"، وأضاف: "إن منابع الغاز في حقل ليفياثان أضخم وأوسع وأعمق من كل المنابع التي اكتشفتها الولايات المتحدة"، وتقول تقارير المعهد: إن مصادر النفط والغاز شرقي المتوسط تقدر بنحو 1,68 مليار برميل من البترول، وبنحو 3450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي عالي الجودة، وهناك منابع غير مكتشفة لمنابع النفط والغاز في حوض النيل بمصر تقدر بنحو 1,76 مليار برميل من النفط، ونحو 6850 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي عالي الجودة، وقدر المعهد إجمالي الخزين في الجزء الشرقي من حوض البحر الأبيض المتوسط بنحو”3,4” مليار برميل من النفط الخام، ونحو  ”9700” مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي.

اللعبة القادمة

وبناء على ما تقدم فان الاكتشافات النفطية والغازية الجديد، التي تشكلت من أبعاد الحرف "L" هي التي فتحت أبواب الصراع السياسي على مصاريعها، ومن نافلة القول ان لبنان عندما سمعت بالحقل الجديد، وعلمت انه يمتد داخل مياهها الإقليمية كادت أن تطير من الفرح، واستبشرت خيرا بتعديل أوضاعها الاقتصادية، فقدمت طلبا إلى الأمم المتحدة لضمان حقوقها النفطية والغازية، فجاء الرد من إسرائيل على لسان وزير خارجيتها ليبرمان، بالقول: "إن إسرائيل لن تتخلى للبنان ولا لسوريا ولا لأي بلد من بلدان المتوسط عن قطرة واحدة". وتجدر الإشارة هنا إن إسرائيل لم تصادق حتى الآن على اتفاقية الأمم المتحدة للبحار والمحيطات لعام 1992، ولا تعترف بتقسيماتها الشاطئية والأرخبيلية، وقد باشرت بالفعل بتضييق الخناق على الحكومة اللبنانية باستخدام السلاح الطائفي المتاح لكل من يرغب بزعزعة الاستقرار في الأقطار العربية والإسلامية، ويعد من أسهل وابسط وأسرع الأسلحة المضمونة النتائج حتى في المجتمعات الإسلامية، التي تتظاهر بالتجانس والاستقرار المذهبي، فالقوى الشريرة عندها القدرة الكافية لاختراقنا بأساليبها الخبيثة، التي زرعت جذورها في المنطقة منذ عقود، واستعانت بها في تنفيذ مخططات التمزيق والتجزئة، وهذا يفسر تواجد عرّاب الانقلابات الدولية “برنار هنري ليفي” في العواصم التي شملتها أعاصير الحرف L في تونس وليبيا ومصر. .
ختاما نقول: لقد تعاظمت سلطة روما القديمة فوق الحدود الجغرافية لأرض انزلقت قدمها في مياه البحر الأبيض المتوسط، وكانت على شكل حرف L، لكن تلك القدم كانت أصغر بكثير من نظيرتها الجديدة، التي ستعزز القدرات الخفية للغول الخرافي، الذي سيخرج من جوف البحر الأبيض المتوسط ليبتلع السواحل كلها من طرابلس الغرب إلى طرابلس الشرق، ويمتص رحيقها النفطي والغازي بخرطوم التحالف الليفياثاني، وسيصبح من أقوى وأطول خراطيم النظام العالمي الجديد، وبات من المرجح أن يكون عام 2016 هو الموعد المقرر لإنتاج معاهدات جديدة، تبدأ أبجديتها بالحرف L، الذي يمثل الحرف الأول من ليفياثان Leviathan، وتنتهي بالحروف NWO، التي تمثل الحروف الأولى من النظام العالمي الجديدNew World Order، وستدق ركائزها في أعماق الخرائط الطبوغرافية والهيدروجرافية للمنطقة بعد مرور قرن من الزمن على انتهاء صلاحية المعاهدة العتيقة، التي رُسمت خطوطها الحدودية عام 1916 لتفصل بين حدود الأقطار العربية في ضوء التوقعات التخمينية للنفط، ثم جاء اكتشاف حقول الليفياثان ليرسم لوحة دموية مرعبة، بملامح مستوحاة من التوراة عن طغيان الغول الخرافي القابع في جوف البحر الأبيض المتوسط. .
هل يبلعنا الغول بينما ما زلنا في "غيبوبة مصطنعة"؟ الله يستر من الجايات!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق