دكتور
مدحت بكري | مستشار إدارة التغيير بالأمم المتحدة سابقا | القاهرة في 19 أبريل 2015
من الضروري أن يستند المشروع الوطني لإطلاق مصر إلى مشروع للتغيير الشامل، يعالج الركود والتراكم والترقيع في أنظمة الدولة الناتج عن تقادم القوانين ونظم ودورات العمل بمرور الزمن بحيث لم تعد تصلح لمجابهة التغيرات المتنوعة المتلاحقة والمتسارعة في بيئة العمل بتطور التكنولوجيا وقواعد العلاقات الدولية في ظل العولمة ومعاهدات التجارة والنظم المصرفية وانتقال الأموال والبشر ونقل التكنولوجيا والتشدد الدولي في تطبيق قواعد حقوق الإنسان وتشغيل الأطفال وحقوق المرأة والمواطنة، وهو ما يحول التغيير من مجرد حدث لمرة واحدة event لتغيير منظومة قانونية غير ملائمة لمتطلبات التطوير والتحديث، إلى عملية مستمرة process تستجيب للتغير المتنوع المستمر في بيئة العمل، وتبني على مفهوم الإدارة الاستراتيجية الحديثة المرتكزة على رؤية vision شاملة للدولة، وأهداف استراتيجية strategic objectives واضحة، وخطط وبرامج plans and programs يتم تحقيقها في مواعيد محددة سلفا target dates طبقا لاستراتيجيات strategies تعرِف كيفية تنفيذ الخطط والبرامج لتحقيق الأهداف الاستراتيجية المطلوب تحقيقها في الأوقات السابق تحديدها، وتعرف كميا معايير النجاح.
كما أن من المفهوم أن تتضمن الاستراتيجية الفصل الكامل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وإعادة هيكلة الدولة كجزء أساسي في مشروع التغيير الشامل يشمل إعادة الهيكلة المالية بإصلاح سياسة الضرائب والضمان الاجتماعي والدعم، وإعادة هيكلة التنظيم وترتيب علاقات مكونات الدولة ونظمها ودورات العمل والقوانين المعمول بها، بما في ذلك إعادة هيكلة مجلس الوزراء وإدارة الدولة، وإخضاع اختيار الوزراء والمديرين لمعايير تقييم "القدرات والأداء"، وإعادة التقسيم الإداري للدولة، وإنشاء وزارة قطاعية لتكنولوجيا الإدارة والاتصالات والمعلومات، وإطلاق برنامج عاجل للتربية الوطنية وتنمية البشر وبناء القدرات، وإعادة تنظيم الإعلام وهيئات المجتمع المدني، وبحيث يتم إنتاج بناء structure وتطوير عمليات processes لتحقيق وظائف functions وخلق نظام للضوابط والتوازنات checks and balances يتفادى العيوب الهيكلية والتنظيمية ويمنع تداخل السلطات.
فإذا لم تكن للدولة رؤية، أو كانت رؤيتها ناقصة، أو كانت الأهداف والخطط والبرامج والاستراتيجيات والبرامج الزمنية غير محددة بوضوح سلفا، أو إذا عانت من سوء إدارة الوقت، وإذا لم يكن البناء متوافقا مع الدستور ومناسبا لتحقيق هذه الوظائف، أو لم تكن العمليات محبوكة والمجتمع منضبطا، أو إذا اختلت معايير الاختيار والإسناد، أو تعددت "الأجندات"، أو تداخلت الأولويات، أو تاهت الأهداف، أو اختلت قدرة الإدارة على تقدير الموقف واتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب، أو غاب نظام للضوابط والتوازنات، تكون المفارقة والمعضلة، ويكون من الطبيعي ألا يحقق المجتمع ما يطمح إليه وأن يستمر فشل الدولة ويفشل المجتمع في تحقيق أهدافه. وبغير ذلك، ستضطر حكومة "ما بعد الانتقال" لإضاعة وقت ثمين لإعداد الهياكل وتصميم دورات العمليات اللازمة لإطلاق دولة "حديثة" عوضا عن تحقيق الانطلاقة.
كما يبقى نجاح مشروع إطلاق مصر رهنا بتعديل فوري للدستور لتحقيق التوازن بين السلطات واستعادة الرئيس لسلطاته، وبالقضاء على الطابور الخامس وتوجيه طاقات المجتمع للعمل والبناء بدلا من الهدم، وبالاختيار السليم للمشروعات الوطنية الكبرى في إطار الأهداف الاقتصادية لخطة تكاملية قابلة للتنفيذ لنهضة مصر طبقا لبرنامج ذو أهداف محددة ومجدولة وإطار زمني محدد، تأخذ في الاعتبار مقتضيات الأمن الوطني والأولويات الوطنية والأبعاد الإقليمية الأفريقية والعربية، وترتكز على دراسة مقارنة لتكلفة وعائد وصافي القيمة الحالية للفرص المتاحة للمشروعات الوطنية الكبرى ماليا وبيئيا، وتلتزم بصرامة بمقتضيات الأمن الوطني، وتحقق استثمار وتنمية المزايا النسبية والتنافسية للاقتصاد المصري في السوق العالمي، وتتناسب مع موارد الدولة وقدرتها على مجابهة التزاماتها وتحقيق فائض نقدي من تدفقاتها النقدية دون تأثير مضر باحتياطياتها - على غرار توشكى الذي أضاع الوقت والجهد واستنزف الاحتياطي الوطني النقدي والمائي دون مردود ودون محاسبة - وتقارب التنمية على أربع محاور أساسية هي البشر والمياه والقيمة المضافة والتكامل الإقليمي الأفريقي والعربي. فإذا كان من الضروري لاتخاذ قرار بتنفيذ مشروع صغير إجراء دراسة مقارنة لتكلفة وعائد وصافي القيمة الحالية للفرص الأخرى المتاحة للاستثمار، فلا يجوز أصلا التعرض لاتخاذ قرار في مشروع وطني عملاق بمعزل عن المشروعات الوطنية الكبرى الأخرى والفرص البديلة، خصوصا التي تتطلبها مقتضيات الأمن الوطني،
لكل ذلك فإن ما رأيناه من حشرجة في قدرة الحكومات المتعاقبة على الحركة والإنجاز يرجع بشكل واضح ومحدد إلى محاولتها الانطلاق دون إحداث التغيير المطلوب أولا، باعتبار أن الموقف هو عمل كالمعتاد Business as usual. كذلك، فإن من الواضح أن مثل هذا المشروع الوطني للإنقاذ والتنمية لا يمكن أن يتحقق بغير توحد جموع المصريين في تبني أهدافه والمشاركة الفعالة فيه دون استثناء أو تحفظ باعتبار المهمة معركة مصير ووجود تخوضها مصر من موقف ضعيف. ولذلك فإن نجاح المشروع الوطني لإطلاق مصر يبقى مرتهنا بالقناعة الجمعية للمصريين بمساندة رؤية وجهود الرئاسة المتميزة، والمشاركة الفاعلة بالجهد والعمل وإنكار الذات وتأجيل المطالب الفئوية والشخصية لوقت تتوافر فيه الموارد التي ينتجها الجهد المبذول في العمل، اللازمة لتلبيتها. يجب أن نتذكر جميعا أن استجابة المشير السيسي للاستدعاء لتولي مسئولية الوطن في مرحلة بالغة الحرج كانت مشروطة بمعاونته بالعمل وقوله حرفيا "أنا بأصحى الساعة خمسة!"
مستشار إدارة التغيير بالأمم المتحدة سابقا
كما أن من المفهوم أن تتضمن الاستراتيجية الفصل الكامل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وإعادة هيكلة الدولة كجزء أساسي في مشروع التغيير الشامل يشمل إعادة الهيكلة المالية بإصلاح سياسة الضرائب والضمان الاجتماعي والدعم، وإعادة هيكلة التنظيم وترتيب علاقات مكونات الدولة ونظمها ودورات العمل والقوانين المعمول بها، بما في ذلك إعادة هيكلة مجلس الوزراء وإدارة الدولة، وإخضاع اختيار الوزراء والمديرين لمعايير تقييم "القدرات والأداء"، وإعادة التقسيم الإداري للدولة، وإنشاء وزارة قطاعية لتكنولوجيا الإدارة والاتصالات والمعلومات، وإطلاق برنامج عاجل للتربية الوطنية وتنمية البشر وبناء القدرات، وإعادة تنظيم الإعلام وهيئات المجتمع المدني، وبحيث يتم إنتاج بناء structure وتطوير عمليات processes لتحقيق وظائف functions وخلق نظام للضوابط والتوازنات checks and balances يتفادى العيوب الهيكلية والتنظيمية ويمنع تداخل السلطات.
فإذا لم تكن للدولة رؤية، أو كانت رؤيتها ناقصة، أو كانت الأهداف والخطط والبرامج والاستراتيجيات والبرامج الزمنية غير محددة بوضوح سلفا، أو إذا عانت من سوء إدارة الوقت، وإذا لم يكن البناء متوافقا مع الدستور ومناسبا لتحقيق هذه الوظائف، أو لم تكن العمليات محبوكة والمجتمع منضبطا، أو إذا اختلت معايير الاختيار والإسناد، أو تعددت "الأجندات"، أو تداخلت الأولويات، أو تاهت الأهداف، أو اختلت قدرة الإدارة على تقدير الموقف واتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب، أو غاب نظام للضوابط والتوازنات، تكون المفارقة والمعضلة، ويكون من الطبيعي ألا يحقق المجتمع ما يطمح إليه وأن يستمر فشل الدولة ويفشل المجتمع في تحقيق أهدافه. وبغير ذلك، ستضطر حكومة "ما بعد الانتقال" لإضاعة وقت ثمين لإعداد الهياكل وتصميم دورات العمليات اللازمة لإطلاق دولة "حديثة" عوضا عن تحقيق الانطلاقة.
كما يبقى نجاح مشروع إطلاق مصر رهنا بتعديل فوري للدستور لتحقيق التوازن بين السلطات واستعادة الرئيس لسلطاته، وبالقضاء على الطابور الخامس وتوجيه طاقات المجتمع للعمل والبناء بدلا من الهدم، وبالاختيار السليم للمشروعات الوطنية الكبرى في إطار الأهداف الاقتصادية لخطة تكاملية قابلة للتنفيذ لنهضة مصر طبقا لبرنامج ذو أهداف محددة ومجدولة وإطار زمني محدد، تأخذ في الاعتبار مقتضيات الأمن الوطني والأولويات الوطنية والأبعاد الإقليمية الأفريقية والعربية، وترتكز على دراسة مقارنة لتكلفة وعائد وصافي القيمة الحالية للفرص المتاحة للمشروعات الوطنية الكبرى ماليا وبيئيا، وتلتزم بصرامة بمقتضيات الأمن الوطني، وتحقق استثمار وتنمية المزايا النسبية والتنافسية للاقتصاد المصري في السوق العالمي، وتتناسب مع موارد الدولة وقدرتها على مجابهة التزاماتها وتحقيق فائض نقدي من تدفقاتها النقدية دون تأثير مضر باحتياطياتها - على غرار توشكى الذي أضاع الوقت والجهد واستنزف الاحتياطي الوطني النقدي والمائي دون مردود ودون محاسبة - وتقارب التنمية على أربع محاور أساسية هي البشر والمياه والقيمة المضافة والتكامل الإقليمي الأفريقي والعربي. فإذا كان من الضروري لاتخاذ قرار بتنفيذ مشروع صغير إجراء دراسة مقارنة لتكلفة وعائد وصافي القيمة الحالية للفرص الأخرى المتاحة للاستثمار، فلا يجوز أصلا التعرض لاتخاذ قرار في مشروع وطني عملاق بمعزل عن المشروعات الوطنية الكبرى الأخرى والفرص البديلة، خصوصا التي تتطلبها مقتضيات الأمن الوطني،
لكل ذلك فإن ما رأيناه من حشرجة في قدرة الحكومات المتعاقبة على الحركة والإنجاز يرجع بشكل واضح ومحدد إلى محاولتها الانطلاق دون إحداث التغيير المطلوب أولا، باعتبار أن الموقف هو عمل كالمعتاد Business as usual. كذلك، فإن من الواضح أن مثل هذا المشروع الوطني للإنقاذ والتنمية لا يمكن أن يتحقق بغير توحد جموع المصريين في تبني أهدافه والمشاركة الفعالة فيه دون استثناء أو تحفظ باعتبار المهمة معركة مصير ووجود تخوضها مصر من موقف ضعيف. ولذلك فإن نجاح المشروع الوطني لإطلاق مصر يبقى مرتهنا بالقناعة الجمعية للمصريين بمساندة رؤية وجهود الرئاسة المتميزة، والمشاركة الفاعلة بالجهد والعمل وإنكار الذات وتأجيل المطالب الفئوية والشخصية لوقت تتوافر فيه الموارد التي ينتجها الجهد المبذول في العمل، اللازمة لتلبيتها. يجب أن نتذكر جميعا أن استجابة المشير السيسي للاستدعاء لتولي مسئولية الوطن في مرحلة بالغة الحرج كانت مشروطة بمعاونته بالعمل وقوله حرفيا "أنا بأصحى الساعة خمسة!"
لقد حان الوقت للعودة إلى شعار "الاتحاد
والنظام والعمل" العبقري لثورة 1952، الذي لم نكن أبدا في حاجة أكثر لمعانيه
حتى في يوليو 1952، لندرك معنى دعوة الرئيس للمصريين للعمل معه لإطلاق مصر.
دكتور مدحت بكري مستشار إدارة التغيير بالأمم المتحدة سابقا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق